مبادئ التحول الرقمي: خارطة طريق جديدة للنجاح

وقت القراءة 10 دقيقة

هل حصدت شركتك نتائج التحول الرقمي حتى الآن؟ خلال دراسة بحثية واستطلاع قدمت ليندا-هيل وزملائها سبعة مبادئ إرشادية تحتاجها شركتك للعمل في أي مرحلة من مراحل التحولات الرقمية- سواء كانت شركة ناشئة رقميًا، أو متطورة رقميًا، أو حتى توقفت عن عملية التحول الرقمي لفترة وستكمل لاحقًا.

هذا الجزء الثاني من سلسلة ” القيادة في العصر الرقمي ” المكونة من ثلاثة أجزاء، اقرأ الجزء الأول والثالث من هنا.

خلال العامين المنصرمين، كنا نسأل المدراء التنفيذيين هذا السؤال بشكل متكرر: إلى أي مرحلة وصلت شركتك في رحلتها الرقمية حتى الآن، وإلى أين تريد أن تصل؟ 

تقول ليندا-هيل: لقد ساعدت جلسة طاولة المناقشات المستديرة التي أجريناها والتي كانت تضم 175 من كبار المسؤولين التنفيذيين حول العالم واستطلاع أراء أكثر من 1500 مسؤول تنفيذي في أكثر من 90 دولة في تكوين صورة واضحة للشركة الناضجة رقميًا اليوم.

ومع ذلك، فإن معرفة المكان الذي تطمح إلى الوصول إليه شيء، وفهم كيفية الوصول إليه شيء آخر. في هذا المقال، الجزء الثاني من السلسلة، نتعمق في الحديث عن التحديات التي واجهها هؤلاء القادة خلال رحلتهم الرقمية واستراتيجيات كيفية معالجتها.

لا يمكن أن يكون التغيير المؤسسي الشامل سهل في أي حال من الأحوال، ولكن وضحت طاولة المناقشات التي أجريناها أن تحقيق النضج الرقمي من الممكن أن يكون رحلة شاقة بشكل خاص، حتى بالنسبة للشركات الرقمية الأولى.

وعلى الرغم من أن جائحة كوفيد-19 جعلت من التحول الرقمي أكثر من حاجة ماسة، وأيضًا يجب على الشركات أن تركز على تكرار عملية التحول الرقمي باستمرار لمواكبة سرعة التقنيات الناشئة. وهي عملية تعلم مستمر وتتمحور حول التأقلم مع المشهد التنافسي المتطور.

على الرغم من اعتراف المشاركين في جلسة النقاش بأهمية السرعة، ذكروا أن التحول يتطلب أيضًا استثمارًا ماليًا ووقتًا كبيرًا. من بين مجموعة المدراء التنفيذيين الذين ذكروا أنهم يحرزون تقدم ملحوظًا في رحلتهم الرقمية، ما نسبته 60% منهم كانوا قد أمضوا 5 سنوات على الأقل في رحلتهم. وخلال الحديث عن حساب الموارد المالية، وغير المالية اللازمة للتغيير، أكَّد المشاركون في جلسة النقاش على الحاجة إلى وضع خطة تتضمن التحديث المستمر للتقنية والقدرات التنظيمية والمواهب داخل المؤسسة.

مبادئ التحول الرقمي

أهم 7 مبادئ التحول الرقمي

مع الأخذ بعين الاعتبار المبارزات السابقة خلال الرحلة، خلال دراستنا الاستكشافية هذه قمنا بترشيح 7 مبادئ إرشادية للتحول الرقمي تساعد المؤسسات خلال أي مرحلة من مراحل رحلة التحول الرقمي –المرحلة الرقمية الإنشائية، أو المتقدمة في رحلتها الرقمية، أو المتوقفة مؤقتًا وستستأنف تحولها الرقمي لاحقًا”، وهي كالآتي التالية:

  • إدراك الجانب الحساس من التحول الرقمي

يمكن أن تكون عملية التحول الرقمي أمرًا محيرًا ومرهقًا لكل من القادة والموظفين في الشركة على حد سواء. في حين أن التقنيات الرقمية الناشئة تعمل على تعطيل تقدم عمل كل عمليات المؤسسة التقليدية بدءًا من سلاسل التوريد أو التصنيع إلى عمليات البيع والتوزيع، حيث أصبحت الشركات تكافح لإنشاء تجارب عملاء متباينة وشاملة في ظل وجود اقتصاد ديناميكي لا يرحم.

وأشار أحد المسؤولين التنفيذيين خلال جلسات النقاش، أنه بسبب شدة ترابط العالم في وقتنا الحاضر، أصبح يمكن للمنافسين “الظهور من أي مكان وفي كل مكان”.

جعل رفع توقعات الزبائن وأصحاب المصلحة، من الصعب على أي شركة تقف مكتوفة الأيدي واستمرار العمل بالطرق التقليدية بعيدًا عن التقنيات الرقمية. لهذا الآن وأكثر من أي وقت مضى، يجب على الشركات زيادة الاهتمام بكل من الأرباح والخسائر من خلال إطلاق منتجات وخدمات وتجارب جديدة باستمرار.

على سبيل المثال، وصف القادة الذين يعملون على نماذج العمل في قطاع توزيع البرمجيات كخدمة (SaaS) كيف أن أساليب تسليم الأعمال بناءً على السعر والوتيرة المطلوبة اليوم يتطلب منهم إعادة تصور وتشكيل عملياتهم وأنظمة المواهب.

أهداف التحول الرقمي

طُلب من الأشخاص الذين شاركوا في الدراسة الاستطلاعية تحديد أهم مجالين تركز عليهم مؤسساتهم خلال رحلتهم في التحول الرقمي. هذا كان نسب تحليل إجاباتهم:

  • 23% تجارب العملاء
  • 17% البنية التحتية الرقمية
  • 16% كفاءة علمية
  • 14% إدارة البيانات
  • 10% ثقافة الشركة
  • 15% تجربة الموظفين

إن تبني سياسة التجريب والعثرات والفشل الحتمي المتأصل في عملية الابتكار هو بصراحة إرهاق أعصاب للقادة وفرقهم. كما قال المشاركون في طاولة المناقشات، أن اتخاذ خطوة تضمين ابتكار التغيير التدريجي ضمن عمليات الشركة يتطلب شجاعة من قادة الشركات، وحتى الشركات الرقمية الأولى تكافح من أجل القيام بالاستثمارات طويلة الأجل اللازمة في حين أن يركز المستثمرين فيها على المقاييس قصيرة المدى للاستثمارات.

في نفس الوقت، يجب على الشركات توصيل القيمة المطلوبة من الخدمة أو المنتج بسرعة. كما إنهم أصبحوا يتبعون نظام أتمتة العمليات من أجل تقليص التكاليف، كما وأشار معظم الأشخاص الذين تحدثنا إليهم في الدراسة عن اعتماد الأسلوب اللين لتشغيل المشاريع الناشئة (running lean) التي في العمل- وهي أمور تزيد من فرص الفشل والمخاطر وتجعل من الصعب على القادة وموظفيهم تحمل المخاطر المطلوبة للابتكار.

ولسوء الحظ، وفقًا للاستطلاع الذي أجراه الباحثون، 5% فقط من المدراء التنفيذين يعتبرون تجربة الموظف واحدة من أهم أولويتين لهم. ومع ذلك، فقد أبلغ أولئك المدراء التنفيذيين الذين اعتبروا أن تجربة العملاء أمر مهم عن تقدم أكبر وأسرع في رحلة التحول الرقمي الخاصة بهم.

  • مواءمة العمل بطريقة تدعم وتتمحور حول العميل

يعتبر الرؤية والاستراتيجية عاملان مهمين في عملية التحول الرقمي، لكن بدون وجود هدف مشترك للعمل به لن يكون الموظفين مستعدين لأداء العمل الصعب المطلوب لبناء مؤسسة ناضجة رقميًا. سمعنا مرارًا وتكرارًا أن القادة غالبًا ما يهملون ربط النقاط بين من هم ومن يخدمون وكيف ستساعدهم التقنية الرقمية على تحقيق ذلك. لهذا السبب من المهم أيضًا بالنسبة للموظفين معرفة سبب قيامهم بالعمل والتحول الرقمي، وليس معرفة إلى أين سيأخذهم التحول فقط.

إن الشعور بالهوية الجماعية داخل بيئة العمل يحافظ على انسجام الموظفين والتزامهم بالعمل بالطرق الجديدة المطلوبة منهم في العصر الرقمي. بدون وجود الهوية الجماعية والهدف المشترك بين الموظفين، لن يجد الموظفين، وخاصة جيل الألفية ومواهب جيل زد، عملهم ذا مغزى.

إنهم لا يطورون الشعور بالانتماء بين أفراد المؤسسة، إلا لأنهم يحتاجون إليه للتعاون فيما بينهم وتقديم حلول مبتكرة تساعد في تقديم قيمة أكبر للعملاء. يترسخ الشعور المشترك بالهدف داخل المنظمة من خلال قيام قادتها بتوزيع السلطة وتفويض عمليه صنع القرار.

في كثير من الأحيان، يتحدث القادة فقط عن الكيفية التي سيؤدي بها التحول الرقمي إلى تحسين أداء الشركة. بدلًا من ذلك، يجب عليهم تطوير السرد- قصة تتمحور حول الإنسان- حول كيفية قيام التحول الرقمي بتحسين حياة أو سبل عيش عملائهم وأصحاب المصلحة الآخرين.

كما قال أحد التنفيذيين، يجب أن نشرح كيف ستساعدنا الأصول الرقمية في أن تصبح مؤسسة مستدامة، ومربحة، وقوة للخير في المجتمع الأوسع”. يساعدهم الاهتمام بالهدف من خلال التحول الرقمي على المواجهة المدى القصير، ويشجع السلامة النفسية اللازمة لتنمية عقلية النمو بين الموظفين.

لتعزيز هذا الشعور بالهدف المشترك، بالإضافة إلى التفكير المتمحور حول العميل، وصف المشاركون كيف أرسلوا فرقًا متعددة الوظائف أو متعددة المستويات لمراقبة العملاء باستخدام منتجاتهم وخدماتهم. وتحدث آخرون عن فوائد تشغيل مختبرات التفكير التصميمي مع العملاء لاحتضان العروض الجديدة.

ساعدت هذه الأساليب الموظفين في جميع أنحاء المنظمة على تطوير فهم مشترك لرحلة استخدام العميل للخدمات الرقمية. كما أوضح القادة، تقوم المنظمات التي تركز على العملاء بتطوير حلول لتلبية احتياجات العملاء ورغباتهم المتطورة، بدلًا من مجرد بيع منتجاتهم وحلولهم الحالية.

أهم 7 من مبادئ التحول الرقمي

  • بناء ثقافة تطوير المواهب قائمة على البيانات

أقل من نصف المستجيبين للاستطلاع الآراء سجلوا أن منظماتهم تمتلك المواهب المناسبة للمنافسة في العصر الرقمي. وشرح  المشاركون طريقة انتشار “المناصب الرقمية” في شركاتهم، بدءًا من تعيين منصب مدير المشروع الرقمي أو المدير الرقمي إلى منصب كبير مسؤولي التحول أو كبير مسؤولي الابتكار.

في إحدى نقاشات المائدة المستديرة، توقع المشاركون أنه بمرور الوقت سيكون لدى المزيد من كبار القادة خلفيات فنية رقمية تساعدهم في تطوير العملية الرقمية. وتوقع أحد المسؤولين التنفيذين الإعلامين أنه في غضون 5 سنوات، سيشكل المهندسون ثلث القوة العاملة في شركته.

في وقتنا الحالي، يحتاج القادة ومدراء التحول الرقمي إلى تطوير مهارات جميع الموظفين ليتمكنوا من استغلال البيانات والأدوات الرقمية في العمل. ومع ذلك، ركز المشاركون في النقاش على أن المدراء التنفيذيين يجب أن يفهموا الأجيال المختلفة في القوى العاملة أولًا:

  • المواطنون الرقميون digital natives، وهم الذين نشأوا في عصر استخدام الأدوات الرقمية
  • المهاجرون الرقميون digital immigrants، نشأوا قبل وجود العالم الرقمي ولكنهم المنفتحون على التعلم والتغيير الرقمي
  • اللاجئون الرقميون digital refugees، نشأوا قبل وجود العالم الرقمي ولكنهم يتجنبون استخدام الأدوات الرقمية التي يرون أنها مقلقة ومخيفة

 

يقول المشاركون في النقاش أن جميع الموظفين تقريبًا يحتاجون إلى “فهم أساسي والشعور بالراحة” للعمل مع وجود البيانات- إمكانياتها وقيودها، بينما لا يحتاج كل شخص إلى أن يكون قادرًا على البرمجة أو فهم الديناميكيات الأساسية للذكاء الاصطناعي.

يجب على المتخصصين الرقميين في أي مؤسسة تنفيذ العمل بوجود أدوات رقمية سهلة الاستخدام للمساعدة في تكافؤ الفرص لمن هم أقل خبرة بها. أما بالنسبة لبعض الشركات، كانت أدوات التمثيل المرئي هي الأساس لجعل الجميع (حتى أولئك الذين يخشون الأرقام والحسابات) يستخدمون البيانات لإبلاغ قراراتهم وإجراءاتهم.

لسوء الحظ، كان إجماع المشاركين على أن الشركات التي  التحولات الرقمية غالبا لا تخصص وقتا وموارد كافية لتطوير العقليات والقدرات التي يحتاجها جميع الموظفين.

“البيانات مثل جميع المعلومات، تمثل القوة، ولكن لن يتمكن الجميع من تقبل هذا التحول بسهولة”.

قال المسؤولون التنفيذيون خلال جلسات النقاش أن كبار القادة يميلون إلى أن يكونوا من أفضل المهاجرين الرقميين في معظم الشركات الراسخة. في حين أن المشاركين لم يروا وجهًا لوجه بشأن ما تعنيه محو الأمية الرقمية، إلا أن جميعهم اتفقوا على أن القادة بحاجة ماسة إلى توسيع نطاق معارفهم.

وقد جادل البعض في أنه يجب على القادة فهم تحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي بعمق، وحتى تعلم البرمجة. ومع ذلك، أصر معظمهم بأن ما يهم حقًا هو قدرة القائد على التعاون مع المتخصصين الرقميين ضمن فريفهم والتعلم منهم.

لزيادة محو الأمية الرقمية، تستخدم بعض الشركات برامج التوجيه العكسي، حيث يقوم جيل الألفية وجيل جيل زد بتعليم من هم أكبر منهم (بسبب العمر أو المنصب) حول إمكانات الأدوات الرقمية في خلق قيمة مضافة للشركة.

وشارك أحد كبار لمدراء التنفيذيين في الصين كيف انضم  أحد الموظفين في العشرينات من العمر إلى قاعات اجتماعات المستويات الإدارية العليا (C-suite) لتبادل وجهات النظر حول الفرص والتحديات التي تواجه مختلف المشاريع الرقمية قيد الدراسة.

  • إدارة ديناميكيات القوة التي تصاحب البيانات

كما ناقشنا من قبل، يجب ألا تطمح الشركات إلى إنشاء ثقافة عمل داخل الشركة تعتمد على البيانات، بل ثقافة قائمة على البيانات. ولا ينبغي استخدام البيانات كبديل للخبرة أو التجربة. بدلًا من ذلك، يجب أن استغلالها في تمكين الموظفين من التشكيك في الوضع الراهن للمؤسسة، باستخدام رؤى من البيانات بدلًا من الإدراك المتأخر أو الخبرة السابقة.

من المهم أن نضع بعين الاعتبار دائمًا أن البيانات، مثل جميع المعلومات، تمثل أحد عناصر القوة، ولن يتقبل ويتبنى الجميع هذا التحول أو التغيير بسهولة. يمكن أن يصبح الخبراء والقادة الوظيفيون مقاومين للتغيير، خاصة إذا كانت البيانات تتحدى افتراضات المؤسسة الراسخة بعمق بناءً على الخبرة أو التجربة، أو تظهر حقائق غير سارة حول تجارب العملاء أو الموظفين.

وقد يعتبر البعض استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي عند اتخاذ بعض الأشخاص/ المدراء القرارات أمر غير إنساني. مرةً أخرى، يجب على القادة الاستعداد لإدارة العواطف المرتبطة بتعلم استخدام البيانات في اتخاذ قرارات أفضل وأسرع.

ولكن يقول المشاركون أنه بدون وجود إحساس مشترك بالهدف والسلامة النفسية المصاحبة للتحول الرقمي واستخدام البيانات، على الأرجح سيرفض الموظفون استخدام وتضمين البيانات بدلًا من دمجها في الممارسات اليومية في مؤسساتهم.

من الضروري أيضًا ان يمثل أعضاء الفريق تنوعًا كبيرًا في الأفكار، وقد جادل بعض المشاركين من أجل أهمية وجود التنوع الديموغرافي أيضًا. لقد توصل المشاركين جميعًا إلى تقدير كيف يمكن أن تؤدي الاعتماد على الخوارزميات في القرارات إلى تحيز غير مقصود قد يضر بموظفين وعملاء معينين، وسمعة الشركة (يمكن أن تنتشر قصة التحيز على وسائل التواصل الاجتماعي في غضون دقائق).

  • تصميم طرق لحل المشكلات بطريقة شاملة ومرنة

غالبًا ما يقل اتصال المدراء التنفيذيين مع الموظفين الموجودين في الخطوط الأمامية لمنظماتهم مع تقدمهم في المناصب العليا، ونتيجة لذلك، يقل اتصالهم مع عملائهم أيضًا. لهذا يجب أن يكون القادة على دراية بهذه الأمور المظلمة وتمكين موظفيهم، بما في ذلك أولئك الذين يكونوا أقرب إلى تقديم تجربة العملاء، وتولي مسؤولية مشاكل العملاء والابتكار نيابة عنهم.

بينما يطور القادة ويكررون استراتيجياتهم فيما يتعلق بالمكان الذي يتجهون إليه وطريقة الوصول إلى هناك، فإنهم بحاجة إلى إحاطة أنفسهم بأشخاص لديهم سلطة على نبض المنظمة. يجب على مستشاريهم مراقبة التحولات في البيئة التنافسية عن كثب.

ويحتاج القادة إلى حشد وتجميع كل الآراء والأفكار من الموظفين والعملاء والموردين والمنظمين. كما يجب عليهم تحديد حتى أضعف مشاكل واشارات التحويل حتى تتمكن شركاتهم من تشكيل مستقبلهم وحل تلك المشاكل بشكل استباقي.

اعترف المشاركون في النقاش بأنه لا يوجد تصميم تنظيمي مثالي. ومع ذلك، فإنهم يوصون، بوضع تصميم تنظيمي داخل المؤسسات لتعكس تجربة شاملة للعميل حتى يتمكن الموظفون من حل المشكلات “من خلال وجهة نظر العميل”.

يميل هذه الهيكل التنظيمي إلى دعم وجهة نظر المؤسسة، وتحقيق التعاون عبر بين الأقسام الوظيفية، والمستويات، أو المناطق الجغرافية، واتخاذ المزيد من القرارات اللامركزية التي تدعم تحقيق قيمة تربط العميل بالمؤسسة. 

ومع ذلك يقول المشاركون أنهم يقومون بتعيين المزيد من الفرق المخصصة التي تركز على المشكلات باعتبارها تراكبات لهياكلهم التنظيمية الأكثر ديمومة. غالبًا ما تضم هذه الفرق أفرادًا لديهم خبرات ووجهات نظر مختلفة -وهو عنصر حاسم في التفكير الابتكاري.

الجانب السلبي لهذا النهج هو أنه يمكن أن يضيف التعقيد وبطء اتخاذ القرار، فقط عندما تكون السرعة أمرًا جوهريًا. عند تكوين هذا النوع الفرق، يجب أن يكون يوضح القادة الأمور المتخصصة بشأن حقوق اتخاذ القرار والأسباب المنطقية للقرارات أمرًا بالغ الأهمية: من الذي يجب استشارته قبل اتخاذ القرارات؟ ما هي القرارات التي يمكنهم اتخاذها؟ ما يجب تصعيده؟

  1. تشجيع منظور النظام الإيكولوجي الخارجي-الداخلي والتعاوني

يتطلب التحول الرقمي التعلم الفردي والجماعي المستمر. في هذا الاستطلاع وُجِدَ أن 44% فقط من المشاركين يروا أن التعلم المستمر هو مفتاح أساسي للنجاح في العصر الرقمي. كما وعمل المشاركون على مساعدة الموظفين على رؤية احتمالات المستقبل الرقمي، من خلال تنظيم زيارات لمراكز الابتكار (مثل وادي السيلكون) وتوفير فرص للتفاعل مع أشخاص مبتكرين في القطاعات الأخرى(في مختبرات الابتكار أو نماذج عمل تسريع الشركات على سبيل المثال). يؤكد المشاركون أن المنظور الخارجي-الداخلي يمكن أن يبث الإبداع والفضول للذين يتطلبهما التحول الرقمي.

  • “يجب على القادة أن يكونوا متعاطفين مع الموظفين الذين يعانون من الإجهاد يشعرون بأنهم يعانون بسبب التعقيد والتغيير الذي يأتي مع التحول الرقمي”.

نظرًا للسرعة في التقدم والتطور والقدرات الإضافية الجديدة اللازمة للمنافسة، لم تعد الشركات قادرة على التقدم والعمل بمفردها أيضًا. لهذا يجب على القادة إقامة شراكات جديدة مع المنافسين الرئيسيين في أنظمتهم البيئية، بما في ذلك الشركات الخاصة والحكومية، وأحيانًا مع المنظمات غير الربحية أيضًا.

ونجد أن المنافسين أصبحوا شركاء أيضًا. للبقاء في الطليعة، تقوم الشركات بتبديل الأنشطة المهمة- ولكن غير الأساسية مثل التخزين السحابي- ونقلها إلى المؤسسات التي تتنافس معها في مجالات أخرى.

لقد عملت جائحة كوفيد-19 على تذكيرنا بترابطنا جميعًا عبر القطاعات. وأيضًا بدون وجود البنية التحتية الأساسية- أنظمة الصحة العامة، وعرض النطاق الترددي المناسب للإنترنت، ورعاية الأطفال- لا تستطيع الشركات العمل. بناءً على ذلك، لقد وجد المنافسون أنفسهم يجتمعون معًا للتأكد من أن الموردين المشتركين يتغلبون على هذه الأوقات من الاضطرابات غير المسبوقة.

  • حماية الأخلاق واتباع نهج استباقي فيما يخص الحوكمة والامتثال

قال ثلاثة أرباع المشاركين في استطلاع الآراء أن مؤسساتهم صنفت وجود إستراتيجية حوكمة للبيانات في شركاتها في مرتبة “غالبًا” أو “دائمًا”، وهو رقم يبدو غير متسق مع أراء المدراء التنفيذيين التي سمعناها خلال جلسات النقاش على طاولتنا المستديرة.

حيث صرح  المشاركون أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لتضمين التقييم الأخلاقي (ethical judgment) في جميع أنحاء المنظمة والاستعداد للمعضلات المصاحبة لها في الأفق. في حين أن العديد من الشركات قد وضعت معايير لاستخدام بيانات العملاء، ماذا عن القواعد حول بيانات الموظف؟ ستحتاج الشركة إلى مواجهة هذه الأسئلة.

أثناء استطلاع أراء المدراء التنفيذيين في أكثر من 90 دولة، نسبة 18% فقط من المشاركين اعتبروا أن وجود الحوكمة الأخلاقية عامل ضروري لتحقيق النجاح الرقمي. ومع ذلك، فإن هؤلاء الـ18% كانوا أيضًا أكثر تقدمًا في عملية التحول الرقمي من أولئك الذين أفادوا بخلاف ذلك.

وبسبب أهمية الحوكمة الأخلاقية، بعض المشاركين في جلسة النقاش قالوا بأنهم عملوا على إضافة قسم “مكتب الأخلاق” أو دور وظيفي بمسمَّى “أمين المظالم ombudsman” لتوفير الإشراف على السياسات والممارسات الأخلاقية والفصل في التحديات الأخلاقية المعقدة، واشراك مستشارين خارجيين، إذا لزم الأمر.

في العالم الرقمي، يجب أن يظل القادة على اطلاع بمعايير الامتثال الناشئة والمتغيرة بسرعة -عالميًا ومحليًا- أثناء اتخاذهم قرارات الاستثمار. لهذا يحاول المشاركون البقاء في صدارة اللوائح الجديدة، وعند الضرورة، يساعدون في تشكيل تلك اللوائح ( بمساعدة المنظمات غير الهادفة للربح أكثر من منظمات العمل التقليدية).

في نهاية المطاف، يجب على القادة توضيح القيم والمبادئ التي يجب أن توجه كيفية حل الموظفين للأسئلة الأخلاقية التي لا مفر منها وتعيين أو وضع العمليات والعادات التي تعزز الإجراءات المرغوبة. يجب أن تكون هذه الممارسات بمثابة تمهيد الطريق الصحيح ووضع المبادئ التوجيهية لاتخاذ القرارات الأخلاقية- تجاوز “لا ضرورة ولا ضرار”.

بينما تفتح التطورات التقنية حالات استخدام جديدة لم يتم تصورها من قبل، يجب أن يكون القادة مستعدون لطرح السؤال التالي والإجابة عليه: فقط لأننا نستطيع فعل شيء ما، هل يجب علينا ذلك؟”.

فيما يتعلق باستخدام البيانات، يجب أن يكون القادة صارمين في تشجيع الموظفين على طرح السؤال التالي: “ما التوقعات التي تم وضعها مع الموظفين أو العملاء عندما قمنا بجمع بياناتهم؟” ” كيف سأشعر شخصيًا إذا تم استخدام بياناتي بهذه الطريقة؟”.

 

يتعلق التحول الرقمي بالأشخاص أكثر من التقنية

بينما قد تبدو هذه المبادئ السبعة واضحة للبعض، وُجد أن القليل من الشركات قد استوعبتها داخل شركاتها بالكامل. يتطلب التبني الحقيقي لتقنيات التحول الرقمي الاقتناع من القادة والمدراء في الجزء العلوي من الهيكل التنظيمي للشركة ووجود روح التصميم التي تتخلل الموظفين في كل مستوى أدناه. ويتحقق النجاح الحقيقي من خلال التفاصيل- كيف تضم الشركة هذه المفاهيم الجديدة الخاصة بالتحول الرقمي لأساسيات الشركة والعمليات اليومية.

بعد كل شيء، يجب على الشركات التي تحاول التحول رقميًا تغيير انتماء الموظفين (سبب قيامهم بعملهم)، وتفكيرهم (كيف يرون عملهم)، وطرق عملهم (كيف يؤدون عملهم). هذا غالبًا ما يشعر القادة والموظفون غالبًا بالإرهاق بسبب التعديلات والتغييرات المطلوبة منهم بشكل فردي وجماعي في العصر الرقمي.

ويجب أن يكون القادة متعاطفين ومتفهمين مع الاجهاد الذي يشعر به الموظفون عندما يتصارعون مع التعقيد والتغيير الذي يأتي مع التحول الرقمي. في الوقت المناسب، تساعد الفرصة في منح هدف مشترك بين أفراد الشركات في مواءمة وتحفيز الأشخاص على التخول الرقمي والعمل بالطرق الجديدة دون تردد.

يتطلب المضي في رحلة التحول الرقمي الشاقة من القادة عقليات وسلوكيات معينة تختلف عن تلك التي كانت مطلوبة في الماضي.

في الجزء الأخير من هذه السلسلة سنتحدث عن كيفية وماذا يحتاج القادة لتنفيذ عملية التغيير بشكل ناجح إذا كانت شركاتهم تريد أن تصل إلى مرحلة النضج الرقمي وتضيف قوة إيجابية للعملاء والموظفين والمجتمع. اقرأه الآن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *