أفضل 6 مهارات يحتاجها القادة في العصر الرقمي

وقت القراءة 11 دقيقة

من المهم معرفة أن تحوّل المؤسسة يبدأ بتحويل أفكار قادتها وأساليب القيادة فيها. من خلال الدراسة التي أجرتها ليندا-هيل وزملائها مع 1700 مدير تنفيذي؛ كشفوا فيها من خلال البيانات التي قدموها عن أهم المهارات والسمات التي يحتاجها القادة في الوقت الحالي. سنذكرها في هذا المقال.

مقال مهارات القادة في العصر الرقمي

غالبًا ما يتوصل القادة الذين يشرعون في إعادة تشكيل شركاتهم للمنافسة في العالم الرقمي سريع التطور، إلى إدراك مخيف ومرهق وشاق: أنه من أجل تحويل مؤسساتهم، يجب عليهم تغيير وتحويل أنفسهم أولًا.

على كل حال، الصفات التي يحتاجون إلى تطويرها ليست الصفات العامة التي تتوقعها، كالبرمجة وتحليل البيانات مثلًا. ممكن أن تعتقد أن في حالة التقلب والتغيير تحتاج إلى أشخاص لديهم تحكم ذاتي وثقة في قراراتهم وما يفعلوه، وشخص ذو بصيرة وخبرة الذي يمهد الطريق من خلال وضع خطة معقولة وتتلاءم مع رحلة التحويل المستمرة والمتنافسة. وبالطبع، تعتقد أن الشركات تحتاج إلى قادة متعلمين وذوي خبرة رقمية، صحيح؟

في الحقيقة، من خلال الدراسة التي أجرتها ليندا-هيل تسلط الضوء على أنه عندما يأتي الأمر للقيادة في العصر الرقمي، لا تكون أي صفة من تلك الصفات بالأهمية التي اعتدنا أن نأخذ بها. والواقع، أنه بعد استطلاع وتحليل أراء 1500 مدير تنفيذي من أكثر من 90 دولة، كانت النتيجة أنه 71% منهم أكَّدوا أن القدرة على التكيّف هي أهم سمة قيادية في هذه الأوقات. كما أجمعت جلسات المناقشات التي أجريناها مع ما يُقارب 200 مسؤول تنفيذي على هذه النتائج.

وصنف أيضًا المستجيبين لاستطلاعنا الإبداع والفضول (حب الاستطلاع) والراحة مع الغموض في المعلومات على أنها سمات مرغوبة وجذابة للغاية في عصرنا الحالي. قال رئيس شركة أفريقية كبرى في قطاع البيع بالتجزئة في إحدى جلسات النقاش في المائدة المستديرة العالمية الـ21 التي أجريناها مع قادة الشركات الرقمية والشركات القائمة: “أن المهارات الشخصية الناعمة (Soft skills) التي ذكرناها لم تعد أساسية بعد الآن”.

الصفات القيادية اللازمة في العصر الرقمي

لقد طلب الباحثون في استطلاق دراسة “القيادة في العصر الرقمي”، من المديرين تحديد السمات القيادية الأكثر أهمية بالنسبة لمؤسساتهم خلال مبادرات التحول الرقمي، وكانت النتائج كالآتي:

  • 71% التكيّف
  • 48% الفضول
  • 47% الإبداع
  • 43% الراحة مع الغموض

ولكن الأمر الذي كان يعتبر الأكثر إثارة للقلق هو أنه كان أقل من نصف المشاركين يعتقدون أنهم وكبار المدراء التنفيذيين الآخرين في مؤسساتهم يملكون العقلية والمهارات المناسبة للقيادة في العصر الرقمي. أما بالنسبة لأولئك الأقرب إلى أن يكونوا الأساس الثابت للوظائف الرقمية، مثل كبار مسؤولي المعلومات وكبار المسؤولين الرقميين، كانوا يشعرون بمزيد من الثقة بشأن قدراتهم الخاصة، ولكنهم أيضًا كانوا أقل ثقة في قدرات زملائهم في المجالات الوظيفية الأخرى.

السمات القيادية الأكثر أهمية خلال مبادرات التحول الرقمي

وبالحديث عن السرعة التي تستمر بها التقنيات الجديدة بالظهور، مع الأخذ بعين الاعتبار أن التحول الرقمي ليست عملية فردية، وعملية تحويل نمط القيادة ليست مهمة مسؤولة من القادة فقط. لذلك نقدم بعض النصائح للقادة الذين يحاولون إعادة ضبط معايير العمل في شركتهم، كالآتي:

  • يجب أن يكون القائد عامل محفز للموظفين في الشركة، لا مُخطط فقط

أصبحت الشركات تواجه تنافسية أكبر في بيئة عمل في العصر الرقمي الحالي، حيثُ لم يعد المنافسين الرئيسين للشركات هم المنافسين المشتبه بهم العاديين والتقليديين بل هناك شركات ناشئة يصعد نجمها بسرعة فائقة في مدارات ثابتة ونُظم بيئية داعمة. كما وتستمر توقعات العميل وأصحاب المصلحة في التطوّر. إن سرعة وتعقيد التغيرات التقنية تفرض على مبادرات التحول الرقمي أن تكون تكرارية أكثر من النماذج الأخرى للتغيير المؤسسي.

يحتاج القادة إلى التحفيز على التغيير أكثر من التخطيط له. وهذا يعني تهيئة الظروف الأولية الأساسية لتحقيق طموحها وتوجيه شركاتها من خلال عملية التعلم المستمر والتمحور حول التحول الرقمي خلال الرحلة كاملة.

على الرغم من أن الأمر لن يكون سهلًا، إلا أنه حتى الشخصيات المثالية من النوع أ (Type-A personalities) يجب أن تكون منفتحة أكثر لتبني نهج تجريبي أكثر في عملها. أولئك الذين يعتمدون على التفكير الاستراتيجي التقليدي –وهو نهج وصفه أحد المدراء التنفيذيين خلال النقاشات التي أجريناها بأنه “أسلوب خطي وحتمي”– سيكونون أقل انسجامًا مع العوامل الناشئة التي يجب أن يستجيبوا لها في عصرنا الحالي.

يجب أن يشعر القادة بالراحة في حال المضي للأمام في ظل وجود معلومات غير مكتملة وغامضة بخصوص الأحداث التي تجري حولهم، والتأثير المحتمل لتصرفاتهم في ظل غياب تلك المعلومات على الشركة. ولهذا بجب عليهم تعلم رؤية أفعالهم وقراراتهم كفرضيات عمل لا يمكنهم التحقق من صحتها إلا من خلال جمع الملاحظات والآراء حول تأثيرها بأسرع ما يمكن.

سيُصاب القادة بالعمى إذا اعتمدوا فقط على تجاربهم أو خبراتهم السابقة عند اتخاذ القرارات حتى بوجود بيانات وتحليلات اكثر، وأضاف المدراء التنفيذيون الذين تحدثنا إليهم أنه لا يزال على القادة تبني نهج التفكير الشمولي والبقاء مستعدين لكل شيء غير متوقع وخارج عن المألوف قد يحدث. يجب عليهم التعلم لتوسيع نطاق “خيالهم وإبداعهم” لتصور ما الذي ممكن أن يكون في المستقبل للشركة وأصحاب مصلحتها، وتوقع السيناريوهات المحتمل حدوثها، والاستعداد للتكيف مع أي تطورات جديدة قد تظهر.

من المهم جدًا للقادة أن يعملوا على تغيير نمط تفكيرهم وتصرفاتهم الحالية، وينتقلوا لرؤية الأمور من منظور “من الخارج إلى الداخل”، وتطوير رؤية شاملة 360 للديناميكيات داخل مؤسساتهم وكذلك تلك الخاصة بالنظم البيئية (Ecosystems) التي يعملون فيها.

وهذا ما يشير إليه أساتذة كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد: تارون خانا (Tarun Khanna) وأنتوني مايو (Anthony Mayo) ونيتين نوريا (Nitin Noria)، على أنه ذكاء سياقي (Contextual intelligence) . حيثُ يمكن لأي مسؤول تنفيذي معرفة كيفية تحفيز التغيير بدلًا من الاكتفاء بالتخطيط له، من خلال فهم المعلومات الأكثر بروزًا واللاعبين الأكثر نفوذًا في سياق معين فقط.

 

  • يجب عليك منح الثقة للعاملين والابتعاد قليلًا لإعطائهم مساحة في العمل

في عالمنا اليوم، لا يزال كل من الاستراتيجية والرؤية عاملين حاسمين، لكن القدرة على تنظيم العمل الجماعي واتباع نهج المشاركة في الابتكار (co-creation) بدلًا من العمل على حسب ترتيب الهيكل الهرمي من أعلى إلى أسفل حيث يعطي المدراء الأوامر للموظفين بدون تواصل- لم تكن أبدًا أكثر أهمية من أي وقت مضى. كما قال التنفيذيون، لتحقيق هذه الغاية، فإن الريادة في العصر الرقمي هي كسب الثقة.

هذا يتعلق بدعوة الموظفين للمشاركة في اتخاذ القرار وصنع ثقافة داخل الشركة تجعل الموظفين يشعرون براحة كافية تجعلهم قادرين على تحمل المخاطر واتخاذ القرارات والإجراءات نيابة عن المصالح التنظيمية. كما تتعلق بكسب ثقة الموظفين وتقديم الثقة لأصحاب المصلحة المتنوعين بشكل متزايد خارج المنظمة والتعاون معهم بطرق جديدة وغير معروفة تخدم مصالح الشركة.

بعض الأساليب التي يتبعها المدراء التنفيذيين لتشكيل الثقة في بيئة العمل: 

توزيع السلطة

من المهم التخلص من نموذج عمل الشركات الذي يتحكم القادة بالموظفين من خلال الأوامر فقط، والذي يعتمد على التسلسل الهرمي وقواعد الشركة. لذلك يجب على القادة تعلُّم ممارسة التأثير في الموظفين دون الاعتماد بشكل كامل على السلطة الرسمية التي يمتلكها. إنهم يضعون البوصلة التنظيمية لعمل الشركة -ينقلون الغرض والقيم من الأعمال والتغيرات- ويمكنون الموظفين من التنفيذ في ظل الشعور بكينونتهم الخاصة.

الاعتماد على الآخرين

نحن لا نتحدث هنا عن التفويض إلى مساعدين موثوق بهم من لديهم خلفيات مماثلة ونفس الحياة والخبرة المهنية للقادة. بل يعني تعلم التعاون والعمل بشكل متزايد مع قوى عاملة متنوعة في الوظائف والمستويات والمناطق الجغرافية وحتى الحدود التنظيمية.

تعيين واكتشاف مواهب جديدة

في ظل التحول الرقمي للشركات وتحول أساليب العمل إلى أساليب ونماذج جديدة تمامًا، فقد أصبح يتطلب من الشركة توسيع وتطوير المواهب التقليدية العاملة داخل الشركة، الأمر الذي يتطلب من القادة تحديد القدرات والعقليات والقيم للأفراد التي تحتاجها الشركة لتحقيق غرضها.

وذلك قد يستلزم رعاية الجيل الرقمي (Digital Natives)، أولئك الذين تقل أعمارهم عن معظم كبار القادة/ لمساعدتهم في الوصول إلى مناصب ذات سلطة كبيرة (وحتى يصبحوا أعضاء في مجلس الإدارة). سيساعد رفع المواهب الصاعدة الشركة في تضمين وجهات نظر جديدة ومختلفة وضرورية بجانب الأعمال الأساسية للشركة لوضع تصورات لمنصات النمو.

بناء شراكات جديدة

كما وضحنا سابقًا أنه لا يمكن لأي شركة أن تعمل وحدها. حيثُ عملت جائحة Covid-19 على تذكير القادة بالطريقة يعتمد فيها النجاح التنظيمي على المرونة في النظام البيئي -قطاع عام قادر على تقديم البنية التحتية الأساسية وقطاع خاص قادر على تقديم موارد وقدرات مهمة وأساسية (على سبيل المثال، سلسلة توريد موثوقة).

يكتشف القادة أنه يجب عليهم الاستثمار بشكل استباقي في النظام البيئي وبناء الشراكات جديدة ومختلفة (مثل تحويل البائعين إلى شركاء عمل، والاشتراك مع المنافسين لحل المشكلات التي تكون الحكومة غير قادرة على حلها) لتهيئة ظروف الشركة لتناسب لتحقيق النجاح المستدام داخلها.

  • كن قائد مستكشف

مع تغيير كثير من أمور وأساليب العمل من حولهم، أصبح يجب على القادة أن يكونوا مستكشفين. حيثُ عرَّف أحد التنفيذيين، في طاولة النقاش المستديرة، الاستكشاف بأنه “الفضول في معرفة جميع الأحداث التي تحصل في المكان”.

عندما يكون القادة مستكشفين لديهم عقل طموح يسألون أنفسهم ما يلي: أي الأسئلة التي يجب عليهم إجابتها لقيادة أعمالهم في الوقت الحاضر والمستقبل بشكل أفضل؟ أين يمكن أن يجدوا أجوبتهم؟

يجب أن يوازن القادة بين هذا الفضول والقصد عندما يكتشفون متى يكونون منفتحين وواسعي الفكر ومتى يجب التركيز والتفكير بعمق. يجب على القادة أيضًا أن يتعلموا كيفية التقاط “الإشارات الضعيفة” حول ما يحدث في مؤسساتهم وأنظمتهم البيئية. بحلول الوقت الذي تصبح فيه الإشارات الضعيفة اتجاهًا، كما قال أحد المشاركين، “غالبًا ما يكون قد فات الأوان، خاصة عندما تكون ميزة المحرك الأول (first-mover advantage) هي المتحكم في اللعبة”.

كيف تكون قائد مستكشف Explorer؟

إليك بعض الطرق والأساليب التي تجعلك من أفضل المستكشفين:

  • أخرج من المكتب وكن ذو حضور بين الموظفين

اعترف كبار التنفيذيون المشاركون في النقاش بأن كبار القادة في كثير من الأحيان “يعيشون داخل فقاعة” أي لا يخرجون من مكاتبهم وكل تعاملاتهم مع الموظفين تكون عبر إعطاء الأوامر.

يجب على القادة المستكشفون أن يتجاوزون وتوسيع نطاق مؤسساتهم وخبراتهم وعلاقاتهم المعتادة لمعرفة كيف يمكن أن يكتشف المستقبل واكتساب خبرات جديدة تستفيد منها شركاتهم. القادة المستكشفين يدركون ويتقبلون وجود حدود لمعرفتهم ويسعون بنشاط للحصول على أراء الأشخاص الذين لديهم تجربة معيشية ووجهات نظر مختلفة. كما يتبنى المستكشفون ما أطلق عليه أحد التنفيذيون “عقلية البرمجيات” ويلتزمون “بالترقيات الشخصية” المستمرة.

 

كيف يوسع القادة معرفتهم الرقمية

طلبنا من المدراء التنفيذيين الذين استطلعنا أراءهم مشاركة الأساليب التي يستخدموها لمعرفة وتعلم المزيد عن التقنيات الرقمية، وكانت النتائج كالآتي:

  • 80% استغلال الموارد الرقمية والمطبوعة
  • 77% استخدام تدريبات وتعليمات خارجية
  • 53% الانخراط في التدريب أو “التوجيه العكسي” مع الجيل الرقمي

 

  • ابقَ متواضعًا

يجب على القادة، حتى في الشركات الرقمية الأولى، أن يتحلوا بالتواضع لطرح الأسئلة والتعلم من الخبراء داخل المؤسسة والمواطنين الرقميين (الجيل الرقمي) على مستويات مختلفة في المؤسسة. لهذا يجب على القادة أن يكونوا على دراية كافية بالتقنيات الناشئة من أجل طرح الأسئلة الصحيحة حول الفرص والمخاطر ومناطق الخطر القانوني والأخلاقي، ووضع الشروط الحدودية لتوجيه نشر الأدوات والبيانات الرقمية.

يتوقع المشاركين في طاولة النقاش أن يكون لدى الرقميون الأصليين (Digital Natives) من المدراء التنفيذيين “تقدير أساسي” للأدوات الرقمية والبيانات التي يستفيدون منها في مؤسساتهم، وخاصة تلك المتعلقة بالأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي والخدمات السحابية. على وجه الخصوص، يجب أن يقدر المدراء التنفيذيين المنطق الأساسي للذكاء الاصطناعي حتى يتمكنوا من تفسير وتقييم البيانات ونتائج التحليلات بعين ناقدة، إن لم تكن متشككة.

صور كبار المدراء التنفيذيين في طاولة النقاش تعلم ما يحتاج القادة إلى معرفته، من خلال الاجتماعات المنتظمة (المتعمقة وغير الرسمية على حد سواء) مع المهندسين الذين يطورون وينشرون الأدوات الرقمية للعمليات والوظائف التي تواجه العملاء. على سبيل المثال. أشار بعض المشاركين في الطاولة المستديرة إلى أنهم يخططون للالتحاق بدورات البرمجة أو تحليل البيانات لاكتساب الخبرة، ولكن الأهم من ذلك،  حتى يبينوا ويظهروا لفرقهم أنه يجب عليهم أيضًا أن يصبحوا متعلمين مدى الحياة للتقنية.

  • كن شجاعًا

يحتاج القادة إلى تعلم كيفية التجربة والتكرار والتمحور لمعرفة إذا كانت مؤسساتهم قادرة على الازدهار. من أجل التأقلممع حالات الفشل الحتمي والفرضيات غير الأكيدة من التجارب، يحتاج القادة إلى اتخاذ موقف جديد مختلف تمامًا تجاه المخاطر.

وللعلم إن تجنب استغلال الفرص فقط لمجرد تجنب الفشل ربما يكون هو الموقف الأكثر خطورة على الإطلاق في الاقتصاد الرقمي. لهذا في عالم سريع الحركة والتطور مع وجود مخاطر أكثر من قبل –كالأمن السيبراني ومخاطر السمعة والأوبئة والأزمات الاجتماعية– يحتاج التنفيذيون إلى الشجاعة للقيام بمراهنات كبيرة.

اعترف التنفيذيون الذين تحدثنا إليهم بأنهم في الغالب لا يشعرون بالأمان النفسي للمخاطرة واستغلال الفرص، بالنظر إلى الضغط الذي يواجهونه من مجالس الإدارة والمستثمرين. ومع ذلك، إذا كانوا يريدون لموظفيهم تعلم كيفية التعايش مع ملف الشخص للمخاطر (risk profile) الضروري للأفكار الخارقة (على عكس الخيارات الإضافية)، فعليهم أن يمثلوا نموذجًا لما يعنيه التصرف بشجاعة واقتناع لموظفيهم: تحديد أكبر عدد ممكن من المخاطر والعمل مع زملائهم للتخفيف منهم، مع التمتع أيضأ بالجرأة لاتخاذ القرارات الصعبة والمضي قدمًا.

“يجب أن ينتقل القادة من محاولة الحصول على جميع الأجوبة للتساؤلات التي قد تجتاح تفكيرهم بشكل دائم، إلى أنهم يحتاجون إلى الشعور بالراحة مع كونهم لا يملكون الأجوبة”.

كما أشار المشاركون في المائدة المستديرة، أنه لا وجود لـ “سترات الأمان القياسية”؛ حيث لا يزال اختيار أفضل الممارسات حول استخدام العديد من مظاهر الأصول الرقمية والبيانات مطروحة للنقاش. القيادة من خلال عدم اليقين لا تتطلب فقط الحكم الجيد، ولكن أيضًا المرونة العاطفية للتخلص من الشك الذاتي والخوف من العواقب لدرجة تمنعهم من المخاطرة.

في حين أن الرقميون الأصليون والمدراء التنفيذيين الرقميين الأوائل قد جربوا “الفشل السريع في كثير من الأحيان”، فقد تجد قادة الشركات الأقل رقمية صعوبة في القيام بذلك. ممكن أن تخفي ثقة الموظفين والقادة الخارجية الخوف والقلق، ولكن يجب أن يكونوا مستعدين للاعتراف بالفهم الخاطئ والتفسير الخاطئ، والاعتراف مبكرًا ما الذي لا يعرفونه وما الأمور التي لا تجدي نفعًا.

يجب على التنفيذيون أن يكونوا مستعدين لتحمل مسؤولية الأخطاء ومشاركة الفضل في الانتصارات مع فرقهم. قال أحد المدراء التنفيذيون الذين شاركوا في دراسة ليندا-هيل: “يجب على القادة أن ينتقلوا من محاولة الحصول على جميع الإجابات إلى أن يكونوا مرتاحين في ظل عدم وجود ظروف غير مريحة”.

  • كن قائد حاضرًا على أرض الواقع لدعم الموظفين

يعترف القادة أن العمل في العصر الرقمي أصبح أكثر تعقيدًا وتطلبًا بالنسبة للموظفين. حيثُ أصبح متوقع من الموظفين أن يكونوا مستعدين دائمًا لتحمل مخاطر أكثر من خلال التجربة والابتكار في العمل، وتجربة تفاعلات جديدة بين التقنيات البشرية. أو كما قال أحد القادة في دراسة ليندا-هيل، “في العصر الرقمي أصبح يتحول كل شيء يخص العمل والمهن”. 

سمات القادة في العصر الرقمي

كيف يعزز القادة حضورهم في عصر التحول الرقمي؟

يبقى أفضل القادة مرتبطين عاطفيًا مع موظفيهم، ويتواصلون معًا بصراحة وصدق أكبر. في أوقات الاضطرابات، يتصفون هؤلاء التنفيذيون بأنهم:

  • أشخاص متعاطفين. إنهم يراقبون ضغوط وقلق الموظفين ويحاولون منع الحمل الزائد والإرهاق عليهم، وخاصة في “الوضع الطبيعي الجديد” للوباء. كثير من الأشخاص يتأقلمون مع الاضطرابات وانعدام الاستقرار في داخل المؤسسة أو في خارجها في مجتمعاتهم، في نفس الوقت كثير من الأشخاص لا يشعرون بالأمان في ظل تل كالاضطرابات وانعدام الاستقرار.

لهذا يعتبر أفضل القادة الذين يظهرون التعاطف مع موظفيهم من خلال سؤال الأسئلة الصحيحة والاستماع الفعال لأجوبتهم وشكواهم، حتى عندما تكشف الرسائل وردود الفعل التي يتلقونها عن القلق أو الشك أو الخوف.

  • مستعدون لقبول النقد والمخاطر العاطفية. قال المشاركون في دراسة ليندا-هيل أن القادة في الوقت الحالي يجب أن يتعلموا كيف يكونوا أكثر راحة مع وجود العواطف والنقد -التفاعلات الرشيدة- التي أشار إليها أحدهم بـ “المحادثات الجريئة/ الشجاعة- ليس مع الموظفين فقط، ولكن مع العملاء والموردين، وخاصة أولئك الذين يكافحون من أجل النجاة اقتصاديًا وجسديًا في الأوقات الصعبة.

مكَّنت القيادة خلال الجائحة الكثير من المشاركين من اكتشاف أهمية المرونة في العمل لم يكونوا يعرفون أنها لديهم، بينما اعترف آخرون أنهم يعانون من بعد الجائحة بسبب تمسكهم بالطرق القديمة في العمل وعدم وجود المرونة العاطفية.

  • متمكنون من السرد القصصي بشكل مبهر. قديمًا، لم تكُ الشفافية في التواصل مع الموظفين ورواية القصص وشرح الأهداف وقيم الشركة أمور مهمة في القيادة أبدًا. يساعد إجراء المحادثات الواقعية في قطع شوطًا طويلًا نحو إشراك الموظفين وتعزيز الملكية لاتخاذ القرارات بشكل أفضل داخل الشركة.

في يومنا هذا، يمكن أن تُوفّر البيانات وأدوات التمثيل المرئي (Visualization) مزيدًا من القوة لرسالة القائد من خلال توضيح ماذا وكيف ولماذا اتخذوا قراراتهم وأفعالهم. يمكن لسرد القصص الذكي أن يتلاءم مع أصحاب المصلحة المتنوعين في سرد مشترك حول كيف سيساعد التحول الرقمي في الشركة على متابعة هدفها.

قال المشاركون في طاولة النقاشات المستديرة أنه يجب على القادة أن يصبحوا “سلسين في استخدام الأدوات الافتراضية” وأن يثبتوا حضورًا رقميًا بعناية وغرض محدد. كما أصبحت كلمات وأفعال القادة أكثر وضوحًا وقابلة للبيع، وأصبح أصحاب المصلحة يراقبون تقدم عمل الشركة باستمرار.

بناءً على ذلك، يجب على القادة أن يتعلموا كيفية إدارة الصراعات التي ستصاحب تضمين أصوات جديدة في مداولاتهم ونقاشاتهم والسعي إلى شراكات جديدة حتى وإن كانت من مصادر غير متوقعة. وأجمعوا على أن إيصال رسالة يتردد صداها مع أصحاب المصلحة المتنوعين هي مهارة أقر العديد من المشاركين في طاولة المناقشات أنهم لا يزالون بحاجة إلى إتقانها.

لهذا قام البعض بتعيين مدربين لتقييم حضورهم الرقمي وتعليمهم التواصل بشكل فعال أكثر على المنصات الافتراضية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي. وأضاف المشاركون أن محاولتهم في التأقلم مع الواقع الجديد –مشاركة المزيد عن أنفسهم أكثر مما اعتادوا عليه، على سبيل المثال– والتواصل مع الموظفين عن بُعد جعلهم يشعرون بالضعف.

  • الوعي الذاتي. يعتبر المشاركون الوعي الذاتي والإدارة الذاتية أمران حاسمان. قالوا أنه يجب على المدراء التنفيذيين إنشاء مساحة لدعم “التفكير المتأني” في عالم سريع الحركة، وتخصيص وقت للتأمل والتفكير في الأسئلة أو الخيارات غير المريحة.

لا يمكن للقادة الناضجين أن تغريهم الإصلاحات السريعة أو إحداث شيء لامع”. وبوجود عقول صافية، يمكنهم التخلي عن المكاسب قصيرة الأجل لتحقيق المزيد من الاستدامة على المدى الطويل.

  • تنشيط القيم داخل المؤسسة بوجود القناعة بأهميتها حتى تزدهر

في حال كان الموظفون في الشركة يقدرون قيمة العمل الذي يحققوه، سيكون الكثير منهم مستعدًا لتغيير عقلياتهم وسلوكهم ومهاراتهم، لهذا السبب يحتاج القادة إلى أن يكونوا واضحين ليس حول العمل الذي يقومون به فحسب، إنما بشأن سبب قيامهم به أيضًا.

وقد قال المشاركون أنها موازنة معقدة، إذ أنه من جهة يحتاج القادة إلى مرونة وشجاعة للتكيف والتأقلم مع الظروف الغامضة التي ممكن أن تحدث، لكنهم في نفس الوقت يحتاجون أيضًا إلى التصميم والانضباط في العمل لنقل الشركة نحو النضج الرقمي. يجب أن يكون الموظفين مقتنعين ومصممين جدًا بشأن الهدف المشترك للمؤسسة، والتزامها بتقديم قيم الشركة والأشخاص الذين يخدموهم (العملاء وأصحاب المصلحة الرئيسيين).

قال المشاركون أنه بقدر أهمية أن يكون القادة منفتحين لتقبل وتبني الأفكار الجديدة والظروف المتغيرة، إلا إنهم سيشعرون بالمعاناة بدون وجود الإحساس بأهمية الهدف الذي يعملون لأجله. بعد كل شيء، فإن تحويل إنفاق موارد الشركة على الأعمال الأساسية فقط إلى تمويل المزيد من المشاريع المحتملة التي يكون غير متأكدين من فعاليتها ونجاحها لدفع النمو، محفوفةً بالمخاطر والشكوك.

إن تقديم قضية مقنعة للتحول الرقمي-الذي يدعم رؤية تم إنشاؤها بالاشتراك مع أصحاب المصلحة- يساعد في الحفاظ على التزام الأشخاص بالقيام بالعمل الشاق المطلوب لتحقيق النجاح.

عند توضيح قيمة التحول وفائدتها، يصبح هدف الشركة وقيمتها بمثابة البوصلة للتغلب على العديد من المعضلات الأخلاقية المعقدة التي تنشأ مع التقنية والبيانات. ولا يقبل القادة ذوو الأخلاق العالية بالتصرفات والإجراءات التي تفضل الأرباح على نزاهة الشركة، ويفضلون وجود المعايير والضمانات التي تضمن تحقيق قيمة العمل والشركة حتى لو كانت تخاطر بالأرباح.

يجب عليهم أن يتساءلوا دائمًا: هل لأنه يمكننا القيام به، يجب علينا ذلك؟ هل هو ببساطة الشيء الصحيح فعله، حتى وإن كان سيكلفنا الكثير على المدى القصير؟”

يتوقع الموظفون والعملاء، وخاصة من الأجيال الشابة، أن يتخذ القادة موقفًا بشأن معايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والمؤسسية التي تعرف اختصارا بـ ESG، المثيرة للجدل. ومن المهم أيضًا معرفة أن التعبير عن القيم داخل الشركات يتطلب من القادة الشجاعة والذكاء العاطفي والسياقي من أجل صياغتها وتعميمها داخل الشركة بأسلوب يتقبله ويتفهمه جميع الموظفين.

لهذا يجب على القادة أن يشاركوا الموظفين الطريقة التي شكلت فيها أهداف الشركة وقيمها قراراتهم، والمبادئ والحواجز التي اعتمدوا عليها عند الموازنة بين المفضالات.

الرحلة الشخصية لتصبح متعلمًا رقميًا مدى الحياة

يتوقع المدراء التنفيذيون الذين تحدثت الباحثة إليهم فقط التغيير الأسي في التقنيات الناشئة ومتطلبات الموظفين والعملاء وأصحاب المصلحة الأوسع. ويجب أن يكون المدراء التنفيذيون، لا سيّما أولئك الذين هم من فئة المهاجرين الرقميين (digital immigrants)، مستعدين لتغيير أنفسهم والاستعداد لطريق عمل شاق ومجهول في المستقبل.

ويعتبر رد الفعل والاستجابة الوحيدة المعقولة للتغيرات الرقمية التي تحدث من حولنا هي أن يتبنى القادة عقلية التعلم وإظهار الكرم تجاه أنفسهم والآخرين في التعلم وتلقي المعلومات. وكما اتضح أن الشركات الناضجة رقميًا، هي الشركات التي يقودها أشخاص لديهم مرونة استراتيجية ويمكنهم الانتقال من مركز الصدارة أعلى الهرم التنظيمي إلى تمهيد الطريق للنجاح التنظيمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *