كيف يمكنكم إدارة مشاريعكم وفق الأطر والمنهجيات الحديثة
جولة سريعة في عالم إدارة المشاريع
تعتبر إدارة المشاريع واحدة من القطاعات التي ازدهرت بشكل كبير في الفترة الأخيرة، إذ أصبح العمل كمدير مشروع خياراً مهنياً للكثيرين من حملة الشهادات العليا، كما برز عدد كبير من المؤسسات التعليمية والتدريبية التي تخصصت في منح شهادات متقدمة في مجال إدارة المشاريع، ويمكننا ملاحظة مكتب أو قسم خاص بإدارة المشاريع في معظم الشركات العاملة بمجالات الصحة، المقاولات والبناء، التطوير، وحتى الترفيه.ولكن، ما هو المشروع, البرنامج والمحفظة ؟يأخذ هذا السؤال أهمية كبيرة عندما نلاحظ تداخل في المفاهيم حين نتحدث عن المشاريع. فالبعض يتحدث عن عمل محدود ببداية ونهاية، فيما يذهب البعض للحديث عن الطبيعة المميزة للمشروع مقارنة بالأعمال التقليدية في الشركة. ويمكننا هنا الاستعانة بالتعريف المقدم من قبل معهد إدارة المشاريع الأميركي الشهير PMI، والذي يعرف المشروع على أنه “عمل مؤقت يحاول الوصول إلى نتيجة أو خدمة فريدة”.

- الطبيعة المؤقتة. فلكل مشروع حتماً بداية ونهاية، وهو لا يستمر بشكل دوري ودائم كالأعمال التقليدية أو العمليات.
- المخرج الفريد. إذ يبحث أي مشروع عن الوصول لنتيجة فريدة عن غيرها، كتصميم منتج جديد، اختبار حل لمشكلة، أو حتى تأليف كتاب.
وبنفس الطريقة، يمكننا تعريف المحفظة على أنها مجموعة من البرامج التي تعمل وفقها الشركة أو المؤسسة، وهي عموماً تمثل مجموعة ما يتم القيام به في مجالات مختلفة من حيث التنفيذ والتخطيط، ولكن تخدم هدف واحد مشترك.
هل تعتبر إدارة المشاريع مجرد صيحة أخرى أم هي حاجة ملحة؟
سؤال آخر يبرز لدى الحديث عن إدارة المشاريع، إذ أن الانتشار الكبير لمفهوم إدارة المشاريع جعل البعض يشكك في جدوى الأدوات والآليات التي يتم اعتمادها، واعتبار الموضوع مجرد صيحة نالت إعجاب المؤسسات والرؤساء التنفيذيين. في الحقيقة، لا يمكن أن ننكر أن إدارة المشاريع هي في الحقيقة واحدة من الصيحات في عالم الأعمال المعاصر، وفي نفس الوقت، لا يقلل هذا على الإطلاق من أهمية إدارة المشاريع والحاجة لها.ويمكن تلخيص أهمية إدارة المشاريع بالتحديات التي تواجه بيئة الأعمال المتغيرة اليوم، إذ خلافاً لما كان عليه الحال قبل 200 عام، حيث كانت كل صناعة تستغرق عقوداً للتطور، يواجه عالم الأعمال اليوم بيئة سريعة التغير، مع تكنولوجيا تغيّر من شكل الأعمال والمؤسسات يومياً، وحدوداً مفتوحة للشركات متعددة الجنسيات للعمل بين الدول، إضافة لمستويات عالية من المنافسة، وحاجة أكبر من أي وقت مضى لإيلاء الأهمية لرأس المال الفكري في المنظمة، ممثلاً بالموارد البشرية والخبرات والمعارف وغيرها.
كل هذا، يجعل من إدارة المشاريع بشكل احترافي حاجة لرفع كفاءة الأعمال وتحسين فعاليتها، إضافة لتمكين المؤسسة على الاستمرار في الأسواق المتغيرة.وتبرز هذه الحاجة بشكل أكبر في المؤسسات التي تعتمد على الهيكل القائم على المشاريع، كمؤسسات التطوير العقاري على سبيل المثال، والتي ليس لها عمل يومي تقليدي، ولكن يتركز عملها على شكل مناطق عقارية ومنشآت تعمل بها بشكل مؤقت، لذا فهي تنظر لهذه الأعمال على أنها مشاريع وتحتاج لرفع مهارة إدارة المشاريع لديها لتكون ناجحة ورابحة.
ما هي أبرز فوائد إدارة المشاريع الناجحة ؟
ويمكننا تلخيص أبرز فوائد الإدارة الناجحة للمشاريع بما يلي:
- تحسين فرص المؤسسة بالوصول للنتائج التي ترغب بها
- تخطيط الموارد حسب الأولوية، وضمان الاستخدام الأكفأ لها
- تحديد نطاق العمل وقيود المشروع بشكل واضح منذ البدء
- رفع جودة العمل والإنتاجية
- تلبية احتياجات العملاء وأصحاب المصلحة في المشروع

المنهجيات التقليدية في إدارة المشاريع
بعد أن تعرفنا على مفهوم إدارة المشاريع، والحاجة للعمل بشكل متخصص في هذا المجال، سنبدأ بالتعرف على المنهجيات التقليدية في إدارة المشاريع.
- المدرسة الأمريكية – إدارة المشاريع الاحترافية PMP:
- إدارة تكامل المشروع
- إدارة النطاق
- إدارة المخطط الزمني
- إدارة التكاليف
- إدارة الجودة
- إدارة الموارد
- إدارة الاتصالات
- إدارة المخاطر
- إدارة التوريد
- إدارة أصحاب المصلحة

- المدرسة الانجليزية – إدارة المشاريع في البيئات المُتحَكم بها Prince 2:
- النطاق
- المقياس الزمني
- الخطر
- الجودة
- الفوائد أو المنافع
- التكاليف

- الحاجة لتبرير الأعمال المستمر
- التعلم من التجربة
- الأدوار والمسؤوليات المحددة
- الإدارة عبر مراحل
- الإدارة بالاستثناء
- التركيز على المنتجات
- تفصيل المشروع لموافقة البيئة المحيطة
الإدارة الرشيقة للمشاريع (Agile Project Management) كيف ولماذا نشأت؟
وعلى الرغم من النجاح الكبير الذي حققته المنهجيات التقليدية في إدارة المشاريع، إلا أن تطور الأعمال الذي فرضته الثورة التقنية جعل من أدواتها محدودة بعض الشيء، ما دفع لظهور مفاهيم جديدة في الإدارة تم جمعها تحت ما يسمى بالإدارة الرشيقة للمشاريع.
ويمكن اعتبار مجال تكنولوجيا المعلومات هو من شدد على الحاجة لوجود منهجية في الإدارة الرشيقة، إذ يتصف هذا المجال بتطور التكنولوجيا السريع، إضافة لصعوبة تحديد متطلبات العميل بشكل واضح ودقيق منذ البدء، والتغييرات المختلفة التي يمكن أن تطرأ على البرمجية خلال مراحل تطويرها واختبارها. لهذه الأسباب كانت الحاجة لمنهجية أكثر قدرة على مواكبة التغييرات وتلبية متطلبات أصحاب المصلحة بأقل هدر ممكن.
ونظراً لتزايد توجه محترفي إدارة المشاريع إلى أدوات الإدارة الرشيقة، فقد عملت كل من المؤسستين الأميركية والإنكليزية على تطوير منهجية خاصة بالإدارة الرشيقة انطلاقاً من منهجياتها المعتمدة.
- إدارة المشاريع الرشيقة في معهد إدارة المشاريع PMI
- إدارة المشاريع الرشيقة في البيئة المتحكم بها PRINCE 2 Agile
ماذا إذاً عن SCRUM؟
يمكن تعريف سكرم SCRUM على أنه إطار العمل الذي يعمل الناس ضمنه للوصول إلى حلول معقدة تقدم أعلى قيمة ممكنة. وفي الواقع لا يعتبر scrum منهجية عمل مستقل، ولكنه إطار عمل متعدد المكونات يركز على مبدأ التجريب والاختبار بدلاً عن مبدأ التخطيط المبرمج، مع إيلاء الأهمية للأفراد ومهاراتهم في معالجة التعقيدات المرتبطة بالمشروع.بالتالي، يمكننا القول أن منهجيات الإدارة الرشيقة باختلافها، تستند إلى مبادئ SCRUM بشكل ما، وتحاول خلق منهجية لإدارة المشروع ضمن إطار العمل هذا.
ويركز SCRUM على 5 قيم وهي:
- الشجاعة
- التركيز
- الالتزام
- الاحترام
- الانفتاح

حسناً، كيف أقوم بتأسيس مكتب إدارة المشاريع في شركتي؟
لا بد أن الإجابة عن هذا السؤال ليست سهلة، ولكنها ليست معقدة إذا ما تم اتباع الخطوات التالية:
- حدد الهدف من المكتب: فلكل مؤسسة هدف خاص من مكتب إدارة المشاريع، إذ تهدف بعض المؤسسات لتهيئة مركز لإدارة ومراكمة المعرفة والخبرة فيها، فيما يكون هدف مؤسسات أخرى هو إدارة كل المشاريع من قبل هذا المكتب، وتنظر مؤسسات أخرى للمكتب على أنه مختص بتحديد الضوابط الخاصة بإدارة المشاريع فحسب.
- حدد الصلاحيات الخاصة بالمكتب، وقم باختيار الفريق المناسب: اعمل على تحديد فيما إذا كان لمكتب إدارة المشاريع صلاحيات واسعة أم لا، وفيما إذا كان دوره رقابي فحسب أم رقابي وتنفيذي. يلي ذلك تحديد الفريق الذي سيعمل في هذا المكتب: هل سيتشكل من موظفين حاليين في الشركة؟ ولمن ستتبع إدارته؟
- قم بتحديد الخطة السنوية لمكتب إدارة المشاريع: ولا شك أن هذه الخطة ستكون ذات جانب تنفيذي متعلق بالمهام اليومية للمكتب، وذات جانب استراتيجي مرتبط بتطوير أداء المكتب وعلاقته باستراتيجية المؤسسة.
- قم بتخصيص الموارد اللازمة: سواء كانت موارد مالية أو منشآت وتجهيزات أو تكنولوجيا وغيرها. لا بد هنا من الاهتمام أيضاً بتدريب فريق المكتب وبناء قدراته في المهام الجديدة التي سيعمل بها.
- تابع وقيم بشكل مستمر: على الرغم أن مكتب إدارة المشاريع غالباً ما يكون مسؤولاً عن متابعة وتقييم المشاريع الأخرى، إلا أنه لا يجب أن ننسى أنه يحتاج لمتابعة وتقييم هو أيضاً، لضمان تحقيق الهدف المرجو من تأسيسه بالمرتبة الأولى.
وتعتبر هذه الخطوات بمثابة خريطة عامة لتأسيس مكتب إدارة المشاريع، إلا أن يجب عدم إهمال حقيقة أن الواقع سيواجه إدارة المشاريع بتحديات كبيرة ومتعددة.
ما هي أكبر التحديات أمام إدارة المشاريع ؟
ومن أبرز التحديات التي تواجه العاملين في إدارة المشاريع:
- التقلبات الاقتصادية والسياسية التي تؤثر على النشاط التجاري في الدولة، وعلى الأعمال العابرة للحدود وعمل الشركات متعددة الجنسيات.
- المتغيرات العالمية والبيئية، فجميعنا اختبر تأثير انتشار فيروس كورونا على أداء الأعمال عبر العالم، ولهذا أثر كبير على إنجاز المشاريع وفق المخطط لها.
- صعوبة تحليل متطلبات أصحاب المصلحة بشكل دقيق، وصعوبة إدارة التواصل ضمن المعنيين بعمل المشروع.
- تنوع الموارد البشرية ضمن فريق المشروع، خصوصاً أن بعض الفرق لا يكون لها تجربة سابقة في العمل سوياً.
- تنوع المنهجيات في مجال إدارة المشاريع، وصعوبة اختيار المنهجية المناسبة.